بستان العرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لا اله الا الله محمد رسول الله


    فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال للفيلسوف (ابن رشد)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 87
    تاريخ التسجيل : 02/10/2010

    فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال للفيلسوف (ابن رشد) Empty فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال للفيلسوف (ابن رشد)

    مُساهمة  Admin الإثنين أكتوبر 18, 2010 12:13 pm

    فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال للفيلسوف (ابن رشد)
    ..............................................

    فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشريعة من اتصال
    للفيلسوف العربي المسلم ابن رشد

    يتساءل ابن رشد في مطلع كتابه عن النظر في الفلسفة وعلوم المنطق، أهو أمر (مباح بالشرع؟ ...أم محظور؟... أم مأمور به؟؟ ).
    وقبل الإجابة عن ذلك لا بد من طرح هذا السؤال: ما الدين؟ وما الفلسفة بنظر ابن رشد؟؟؟
    إن الكلمة التي يستعملها فيلسوف قرطبة للدلالة على الدين هي (الشريعة) وهي تعني القانون الإلهي أو الديني، أي أصول الدين الإسلامي التي في طليعتها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
    أما الفلسفة فهي (الحكمة) التي تبتغي المعرفة المعمقة عن طريق الاستدلال والبرهان .. وهذا البرهان هو (أتم أنواع النظر بأتم أنواع القياس).
    فالفلسفة إذن: ليست شيئا" أكثر من ( النظر في الموجودات واعتبارها، من جهة دلالتها على الصانع) ، وكذلك فإن الشرع قد دعا إلى اعتبار الموجودات بالعقل، وهذا ما هو ظاهر في كثير من الآيات القرآنية مثل قوله تعالى(فاعتبروا يا أولي الألباب).
    وهكذا لدينا حقائق عقلية في نظام متماسك، وحقائق دينية قرآنية منزلة، ولمعرفة هذين النوعين من الحقائق لا بد من اللجوء إلى القياس العقلي. ولما كان القياس أنواعا" شتى ، فلا بد أن يكون القياس البرهاني هو الذي دعا إليه الشرع لأنه أتم أنواع الأقيسة وأصحها على الإطلاق، فهو يقوم على مقدمات يقينية ويرتكز على مبدأ أول من مبادئ العقل . ودونه القياس الجدلي وهو يقوم على مقدمات محتملة يقبلها الجميع أو الأكثرية وتكون نتيجته محتملة ، وهذا القياس يصلح لأن يكون آلة للتحري أو الجدل أو المناظرة.. ودونه في الرتبة القياس الخطابي الذي يستند إلى مقدمات واهية موافقة لعقلية السامع واستعداداته النفسية والعاطفية بقصد اقناعه.
    ولما كانت الدراسة النظرية المعمقة تتم عن طريق القياس البرهاني، فلا بد من معرفة المنطق بشكل عام، لأنه يتنزل( من النظر منزلة الآلات من العمل)،
    كما لا بد من أن نستعين بما انتهى إليه القدماء حتى ولو كانوا على غير ملتنا، لأنه من العبث أن ننبذ ما كتبه القدماء ونستأنف البحث من جديد، فكما أنه لا حرج علينا في استعمال آلة القدماء (المنطق) في تصحيح تفكيرنا ، فكذلك لا حرج علينا في الرجوع إلى حكمتهم والفحص عما انتهوا إليه في باب النظر في الموجودات، فما ينطبق على آلة النظر ينطبق على مادته ومضمونه.
    وهذا لايعني أننا ملزمون بأخذ كل العلوم التي أتى بها الإغريق، بل علينا (أن ننظر في الذي قالوه من ذلك، وما أثبتوه في كتبهم، فما كان منها موافقا" للحق قبلناه منهم وسررنا به وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق نبهنا عليه وحذرنا منه وعذرناهم...).
    ويقدم ابن رشد دلائل قاطعة على أن النظر في كتب القدماء واجب إذا كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا عليه الشرع، وأن من نهى عن النظر فيها من كان أهلا" للنظر فيها – وهو الذي جمع أمرين: أحدهما ذكاء الفطرة، والثاني العدالة الشرعية، والفضيلة العلمية والخلقية ، فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشرع منه الناس إلى معرفة الله سبحانه ، وهو باب النظر المؤدي إلى معرفته سبحانه حق المعرفة.
    وإذا كان الأمر كذلك ، أي إذا كان الدين نفسه هو الذي يأمر على سبيل الوجوب بالإشتغال بالفلسفة ضمن الشرائط والأحوال التي ذكرناها ، فما ذلك إلا لأن الفلسفة حق ، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك خلاف – بنظر ابن رشد – بين الشرع والحكمة، أي بين الدين والفلسفة.
    وهكذا لم يعترف فيلسوف قرطبة بوجود حقيقتين: الأولى مكتسبة بالنظر الفلسفي والثانية بالوحي الإلهي، وإنما بوجود حقيقة واحدة فقط ، فالنظر البرهاني لا يؤدي (إلى مخالفة ما ورد به الشرع، فإن الحق لا يضاد الحق، بل يوافقه ويشهد له) أي أن العلم موافق للدين كما أن الدين موافق للعلم.
    إذن فالحقيقة واحدة والطرق المؤدية إليها مختلفة ، وفي الواقع لا يوجد تناقض بين الحكمة والشريعة ( فهما المصطحبتان بالطبع المتحابتان بالجوهر والغريزة)، ولكن عند الممارسة العملية، نلاحظ أن في الشرع حقائق تخالف في ظاهرها حقائق الفلسفة ، وتوهم بأن الفلسفة تضاد الشرع. وقد انتبه ابن رشد لهذا الأمر، فميز بين الحقيقة ذاتها واللفظ الذي يستعمل للتعبير عنها، فالحقيقتان متفقتان كليا" في مضمونهما، وإن كان ثمة خلاف أو فرق بينهما، فهذا يعود لا إلى الحقيقتين أنفسهما وإنما فقط إلى اللفظ المستعمل في التعبير عنهما ، وعلينا في هذه الحالة تأويل اللغة المعبرة عن الحقيقة..

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 2:33 am